responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 16  صفحة : 27
الْجِزْيَةَ
يَدُلُّ عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ، فَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ الْقَدْرُ الْأَقَلُّ، فَيَجُوزُ أَخْذُهُ وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْجِزْيَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْحُرْمَةُ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى عَلَيْهَا.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِهَا.
الْحُكْمُ الْخَامِسُ تَسْقُطُ الْجِزْيَةُ بِالْإِسْلَامِ وَالْمَوْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ،
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ جِزْيَةٌ»
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَسْقُطُ.
الْحُكْمُ السَّادِسُ قَالَ أَصْحَابُنَا: هَؤُلَاءِ إِنَّمَا أُقِرُّوا عَلَى دِينِهِمُ الْبَاطِلِ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ حُرْمَةً لِآبَائِهِمُ الَّذِينَ انْقَرَضُوا عَلَى الْحَقِّ مِنْ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَأَيْضًا مَكَّنَّاهُمْ مِنْ أَيْدِيهِمْ، فَرُبَّمَا يَتَفَكَّرُونَ فَيَعْرِفُونَ صِدْقَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُبُوَّتِهِ، فَأُمْهِلُوا لِهَذَا الْمَعْنَى وَاللَّهُ أعلم. وبقي هاهنا سُؤَالَانِ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: كَانَ ابْنُ الرَّاوِنْدِيِّ يَطْعَنُ فِي الْقُرْآنِ وَيَقُولُ: إِنَّهُ ذَكَرَ فِي تَعْظِيمِ كُفْرِ النَّصَارَى قَوْلَهُ: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً [مَرْيَمَ: 90- 92] فَبَيَّنَ أَنَّ إِظْهَارَهُمْ لِهَذَا الْقَوْلِ بَلَغَ إِلَى هَذَا الْحَدِّ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا أَخَذَ مِنْهُمْ دِينَارًا وَاحِدًا قَرَّرَهُمْ عَلَيْهِ وَمَا مَنَعَهُمْ مِنْهُ.
وَالْجَوَابُ: لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ أَخْذِ الْجِزْيَةِ تَقْرِيرُهُ عَلَى الْكُفْرِ، بَلِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا حَقْنُ دَمِهِ وَإِمْهَالُهُ مُدَّةً، رَجَاءَ أَنَّهُ رُبَّمَا وَقَفَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ وَقُوَّةِ دَلَائِلِهِ، فَيَنْتَقِلُ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: هَلْ يَكْفِي فِي حَقْنِ الدَّمِ دَفْعُ الْجِزْيَةِ أَمْ لَا؟
وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ إِلْحَاقِ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ لِلْكُفْرِ وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ طَبْعَ الْعَاقِلِ يَنْفِرُ عَنْ تَحَمُّلِ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ، فَإِذَا أُمْهِلَ الْكَافِرُ مُدَّةً وَهُوَ يُشَاهِدُ عِزَّ الْإِسْلَامِ وَيَسْمَعُ دَلَائِلَ صِحَّتِهِ، وَيُشَاهِدُ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ فِي الْكُفْرِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى الِانْتِقَالِ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَهَذَا هو المقصود من شرع الجزية.

[سورة التوبة (9) : آية 30]
وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ] وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَمَ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ باللَّه، شَرَحَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ نَقَلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا للَّه ابْنًا، وَمَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْإِلَهِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قد

اسم الکتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير المؤلف : الرازي، فخر الدين    الجزء : 16  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست